جواز عتريس من غير (النيش) باطل
بقلم: د. أحمد غانم- "ما هو النيش"؟ كانت السيدة (أندريا) الأستاذة الجامعية في كلية الهندسة بأحد أكبر جامعات أمريكا تتساءل بلكنتها الإيطالية التي تميز من وُلد وتربي في ولاية نيوجيرسي الأمريكية.. كنت ابتسم وكأنني أتابع ما تقول ولكن حديثها وضع ذهني على متن مركبة زمان عادت بي إلى عام 1994 وأنا طالب جديد في كلية الطب.. كنت أتذكر صديقي الدكتور عبد الله عباس الذي كان يقود حربا ضد طواحين الهواء لتغيير عادات الزواج الاجتماعية في مصر وهو يتحدث لمجموعة من الطلاب عن ضرورة التغيير الاجتماعي.
كان عبد الله هو أول من ارتبط وتزوج من دفعتنا في السنة الثالثة من كلية الطب وسط دهشة واستهجان مجتمع يؤمن أن سن البلوغ في مصر هو 31 وليس 13..لم يكن عبد الله سياسيا ولا قائدا اجتماعيا ولكنه كان شابا مصريا مبتكرا يؤمن أن الشباب يجب أن يبتكر طرقا غير تقليدية لتيسير الزواج ولا يجب أن ينتظر حتى سن الـ 30 ليتزوج.. وأن الزواج الشرعي وليس العرفي ممكنا إذا غيرت العائلات المصرية عادات الزواج الغير منطقية والتي أصبحت مقدسة كأنها وحي من السماء.
أعادتني السيدة أندريا للحاضر بتكرار سؤالها :"أنت سألتني إذا كان يمكنهم بناء "نيش" من الأسمنت.. ما هو النيش؟" فابتسمت قائلا "النيش هو شئ يستعمل لنضع فيه أشياء لا تستعمل لكن لا يمكننا بدأ الحياة بدونه".. لم تعلق على إجابتي الساخرة متسائلة " هل زرت اليابان من قبل؟".. أجبتها بالنفي قائلا "لا ولكنني متشوق لمعرفة نتائج زيارتك وأبحاثك هناك.. وهناك شخص مصري أعرفه يستحق براءة ابتكار التصميم الهندسي الذي تعملين عليه"!.
كانت السيدة (أندريا) فى طريقها لليابان لدراسة نموذج جديد من البناء طوره شباب ياباني مبتكر فيما عرف بالجيل الثاني من البيوت الصغيرة أو (الميكروهوم).
قابلت السيدة (أندريا) صدفة في المطار عندما وقعت عيني على صورة في الكتالوج الذي تقرأ فيه.. صورة كنت أظن أنها صورة خيالية لا يمكن تطبيقها في يوم من الأيام.. صورة لمنزل صغير تم بناء أثاثه من الأسمنت.. فمن الداخل يتم بناء طاولة الطعام وكراسيها و"الدولايب" وحتى سرير النوم الكبير من الاسمنت أثناء بناء الشقة.. وعند تأجير الشقة لا يحتاج العريس والعروسة إلا لأشياء قليلة جدا لبدء الحياة الزوجية.
كانت هذه الفكرة هي ابتكار شباب ياباني للتغلب على صعوبة بدء الحياة الطبيعية التي تجمع شاب وفتاة تحت سقف واحد.. فطوكيو مدينة مزدحمة والشقق فيها غالية والأثاث غال جدا فابتكروا شقق الإيجار التي لا تحتاج إلا إلى القليل من الأثاث.. وكانت هذه الفكرة هي فكرة صديقي الدكتور عبد الله من أكثر من 15 عاما قبل أن يكون هناك انترنت أو فضائيات حتى لا يتهمه أحدا بسرقة أفكار اليابانيين التي سبقهم لها.
الفرق الوحيد أن عبد الله صديقي طرح فكرة الأثاث الأسمنتي في مجتمع لا يؤمن بالتغيير ولا يريد أن يناقش حلولا جديدة وعملية لمشاكل تمزق كيانه الاجتماعي.. بينما تلقت الجامعات اليابانية نفس الأفكار بالترحاب وتم وضعها محل تجربة وتم تمويل الشاب صاحب الفكرة لتنفيذها.. وها هي الدكتورة (أندريا) الأستاذة المسنة التي قضت حياتها تدرس هندسة التصميم الداخلي في واحدة من أكبر جامعات العالم تسافر إلى أقصى الشرق لتتعلم من شباب ياباني لترى إذا كانت التجربة يمكن أن تفيد مدن أمريكية مزدحمة مثل نيويورك.
"نعمل سرير اسمنت عشان لما العريس يموت يدفنوه فيه..يبقى سرير وتربة 2 في 1"...كان هذا واحدا من مئات التعليقات الساخرة التي كانت كل يوم "تكسر مجاديف" عبد الله عباس الشاب المصري المبتكر.. ولو كان أحدا اهتم بأفكاره لكانت السيدة (أندريا) الآن في طريقها للقاهرة للتعلم من شباب مصر وليس من اليابان.. شباب مصر الذي يعيش في مجتمع "محافظ" يعتقد أن أفكاره الإبتكارية هي ترف فكري وأن كل شاب يجب أن يـ"دوس" على أحلامه وعواطفه وعقله ويسافر للخليج لـ"كون نفسه".
لا أدري من أرسى قاعدة أن الشاب يجب أن "يكون نفسه" قبل الزواج.. ولكي "يكون الشاب نفسه" يجب أن ينهي دراسته الجامعية ثم ينهي خدمته العسكرية ثم يحاول أن يسافر "بره" لسنوات وسنوات حتى يمكن أن يعود "جوه" ويكون قد "كون نفسه" وأصبح قادرا على شراء "النيش".
درستُ فسيولوجيا الإنسان فلم أجد زرا خفيا في جسد الشاب يمكن أن يضغطه حتى يضع غرائزه ومتطلباته الفسيولوجية "خارج نطاق الخدمة" لسنوات وسنوات حتى "يكون نفسه".
ليس هناك "كبسولة" سحرية يتناولها الشاب لتتوقف عواطفه عن الحب وعن مشاعر الحب التي غرزها الله في فطرة الشاب السوي والفتاة السوية وأحل له أن يحب زوجته وأن تحب الزوجة رجلها.. وقمة توهج هذا الحب يكون في مرحلة العشرينات.. المرحلة التي قام المجتمع بتحريم الارتباط فيها بإعلاء بدع "القائمة" و"النيش" على فطرة الله السوية وعلى وصايا الرسول القاطعة أنه "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه..فزوجوه" ولم يقل فارفضوه وأرسلوه للسعودية "ليكون نفسه".
ولأن الطبيعة تأخذ مجراها.. فقد انتشر الزواج العرفي والعلاقات المحرمة والشاذة .. وأصاب الشباب والشابات "كلاكيع" وعقد نفسية نتيجة السير في عكس اتجاه الفطرة السوية.
ليس هناك مشكلة زواج في مصر.. ولكن هناك مشكلة عقول لا تريد أن تتغير.. ومجتمع يؤمن بالشكليات أكثر من إيمانه بالقرآن والإنجيل.. ويحمل الشباب أكثر مما يطيق فيدفعه دفعا للمخدرات أو التطرف أو الهرب إلى بلاد أخرى يمكن أن يعيش فيها إنسانا سويا.
أمريكا.. الدولة الغنية.. لا يكلف الزواج فيها أكثر من عدة مئات من الدولارات.. فمعظم الشباب يتزوج رسميا مجانا في مبنى المدينة على يد موظف التوثيق.. والفرح يتم في كنيسة أو مسجد أو حديقة عامة مجانية ويحضره الأهل والأصدقاء ولا يكلف إلا عددا من أطباق الحلوى تقدم للضيوف.. والعروس تقوم بتنسيق شعرها وزينتها بنفسها أو بمساعدة صديقة ولا تذهب لـ"كوافير العرائس".. والفرقة الموسيقية والمغني المشهور عبارة عن "سي دي" فيه أغان يحبها العريس والعروسة.
نعم هناك في أمريكا من ينفق آلافا على الزواج ولكن هؤلاء هم القلة القليلة والأغلبية الساحقة يبدءون حياتهم بشقة مؤجرة من غرفة واحدة وربما لا يصدق البعض أن الكثير من العرائس والعرسان في أمريكا لا يخجلون من أن يكون أثاث عش الزوجية أثاثا مستعملا يأخذوه من الشارع عندما تتركه أسرة بعد استعماله!.
وهكذا يبدأ العروسان حياتهما ويكافحان ويبدءان في شراء ما يحتاجون شيئا فشيئا.. دون ضغوط اجتماعية شيطانية.
لكن الشباب في مصر يقع تحت وطأة ضغوط نفسية لا تحتمل من مجتمع يريده أن يكون أميرا من أمراء البترول حتى ترضى عنه عائلة فتاة أحلامه.. يقضى الشاب سنوات لن تعوض من أجمل سنوات عشرينيات وثلاثينيات عمره يجمع أموالا ويستدين ليشترى أشياءً لن تستعمل مثل "أطقم" صيني و "رفايع" و"نيش".
اعرف صديقا فشل في الزواج من فتاة يحبها وتحبه لأن أم الفتاة أصرت على نوع "نيش" معين غال الثمن اعترض عليه صديقي وتطور الخلاف لـ"فسخ" خطوبته.. فمن أجل شئ لن يستعمل يحرم مجتمع ظالم شاب من أن يعيش في "الحلال" مع فتاة أحلامه.
كنت أشاهد برنامجا من برامج الفضائيات الدينية وكان الشيخ يجيب على سؤال أم فتاة يريد خطيب ابنتها أن يستدين بالربا حتى يشترى الأثاث ليعجل بالزواج فرد عليها الشيخ أن العريس يجب أن ينتظر ويعمل ويكد حتى لا يضطر للاقتراض الربوي.. ولا أدرى لماذا لم يقل الشيخ للمرأة أن "الأثاث" ليس ركنا شرعيا في الزواج وأنه لا يجب تأخير الزواج إذا كان الشاب يستطيع الإنفاق اليومي على بيته.. وأنهم يمكنهم بدء حياتهم الآن بأثاث بسيط أو مؤقت حتى يحصن الشاب والفتاه ولا ينتظرا لشهور ربما تمتد لأعوام حتى يجمع العريس ثمن الأثاث.. لا أدري أين أتى الشيخ بنص يقول أن الزواج بدون "النيش" باطل!.
الشاب الصعيدي الذي وقف في أكبر ميدان ليقطع عضوه الذكري والشباب الذي ينتحر لأنه لا يستطيع أن يمارس الحياة الطبيعية مثل أي شاب طبيعي في العالم هم شواهد عملية أن المجتمع يحتاج لتغيير أعمق من مجرد تغيير سياسي.
التغيير السياسي لا يكفي ويجب أن يصاحبه تغيير اجتماعي شامل...لن نتقدم خطوة واحدة للأمام لو ظل شعارنا في الحياة "هذا ما وجدنا عليه آباءنا".. العادات والتقاليد البالية ليست دينا ولا آيات قرآنية..أنها طريقة حياة أثبتت فشلها وآن لهذا الجيل أن يحدد طريقة حياته بما يناسب عصره ومعتقداته كما حدد الجيل الجديد في اليابان ذات التقاليد العريقة طريقة حياته الجديدة.
أول خطوة في طريق العلاج أن يوقن المريض أنه يحتاج لطبيب ودواء.. وهناك أمراض كثيرة تنخر في جسد مجتمعنا.. ولكن المجتمع مازال مصرا أن يدفن رأسه في رمال عادات وتقاليد بالية متخلفة.. يعيش المجتمع وكأنه ليس هناك مشكلة أو أزمة زواج في مصر لها أثار مدمرة على نفسية الشباب.
مصر كلها تحولت لـ"نيش" كبير.. حيث ترقد فيه الأشياء لسنوات وسنوات ولا تستعمل.. أشياء للعرض فقط نباهي بها الضيوف ومحرم على أهل البيت استعمالها.. "نيش" مصر فيه عقول وعواطف وأحلام وابتكارات.. وأعضاء ذكرية.
بقلم: د. أحمد غانم- "ما هو النيش"؟ كانت السيدة (أندريا) الأستاذة الجامعية في كلية الهندسة بأحد أكبر جامعات أمريكا تتساءل بلكنتها الإيطالية التي تميز من وُلد وتربي في ولاية نيوجيرسي الأمريكية.. كنت ابتسم وكأنني أتابع ما تقول ولكن حديثها وضع ذهني على متن مركبة زمان عادت بي إلى عام 1994 وأنا طالب جديد في كلية الطب.. كنت أتذكر صديقي الدكتور عبد الله عباس الذي كان يقود حربا ضد طواحين الهواء لتغيير عادات الزواج الاجتماعية في مصر وهو يتحدث لمجموعة من الطلاب عن ضرورة التغيير الاجتماعي.
كان عبد الله هو أول من ارتبط وتزوج من دفعتنا في السنة الثالثة من كلية الطب وسط دهشة واستهجان مجتمع يؤمن أن سن البلوغ في مصر هو 31 وليس 13..لم يكن عبد الله سياسيا ولا قائدا اجتماعيا ولكنه كان شابا مصريا مبتكرا يؤمن أن الشباب يجب أن يبتكر طرقا غير تقليدية لتيسير الزواج ولا يجب أن ينتظر حتى سن الـ 30 ليتزوج.. وأن الزواج الشرعي وليس العرفي ممكنا إذا غيرت العائلات المصرية عادات الزواج الغير منطقية والتي أصبحت مقدسة كأنها وحي من السماء.
أعادتني السيدة أندريا للحاضر بتكرار سؤالها :"أنت سألتني إذا كان يمكنهم بناء "نيش" من الأسمنت.. ما هو النيش؟" فابتسمت قائلا "النيش هو شئ يستعمل لنضع فيه أشياء لا تستعمل لكن لا يمكننا بدأ الحياة بدونه".. لم تعلق على إجابتي الساخرة متسائلة " هل زرت اليابان من قبل؟".. أجبتها بالنفي قائلا "لا ولكنني متشوق لمعرفة نتائج زيارتك وأبحاثك هناك.. وهناك شخص مصري أعرفه يستحق براءة ابتكار التصميم الهندسي الذي تعملين عليه"!.
كانت السيدة (أندريا) فى طريقها لليابان لدراسة نموذج جديد من البناء طوره شباب ياباني مبتكر فيما عرف بالجيل الثاني من البيوت الصغيرة أو (الميكروهوم).
قابلت السيدة (أندريا) صدفة في المطار عندما وقعت عيني على صورة في الكتالوج الذي تقرأ فيه.. صورة كنت أظن أنها صورة خيالية لا يمكن تطبيقها في يوم من الأيام.. صورة لمنزل صغير تم بناء أثاثه من الأسمنت.. فمن الداخل يتم بناء طاولة الطعام وكراسيها و"الدولايب" وحتى سرير النوم الكبير من الاسمنت أثناء بناء الشقة.. وعند تأجير الشقة لا يحتاج العريس والعروسة إلا لأشياء قليلة جدا لبدء الحياة الزوجية.
كانت هذه الفكرة هي ابتكار شباب ياباني للتغلب على صعوبة بدء الحياة الطبيعية التي تجمع شاب وفتاة تحت سقف واحد.. فطوكيو مدينة مزدحمة والشقق فيها غالية والأثاث غال جدا فابتكروا شقق الإيجار التي لا تحتاج إلا إلى القليل من الأثاث.. وكانت هذه الفكرة هي فكرة صديقي الدكتور عبد الله من أكثر من 15 عاما قبل أن يكون هناك انترنت أو فضائيات حتى لا يتهمه أحدا بسرقة أفكار اليابانيين التي سبقهم لها.
الفرق الوحيد أن عبد الله صديقي طرح فكرة الأثاث الأسمنتي في مجتمع لا يؤمن بالتغيير ولا يريد أن يناقش حلولا جديدة وعملية لمشاكل تمزق كيانه الاجتماعي.. بينما تلقت الجامعات اليابانية نفس الأفكار بالترحاب وتم وضعها محل تجربة وتم تمويل الشاب صاحب الفكرة لتنفيذها.. وها هي الدكتورة (أندريا) الأستاذة المسنة التي قضت حياتها تدرس هندسة التصميم الداخلي في واحدة من أكبر جامعات العالم تسافر إلى أقصى الشرق لتتعلم من شباب ياباني لترى إذا كانت التجربة يمكن أن تفيد مدن أمريكية مزدحمة مثل نيويورك.
"نعمل سرير اسمنت عشان لما العريس يموت يدفنوه فيه..يبقى سرير وتربة 2 في 1"...كان هذا واحدا من مئات التعليقات الساخرة التي كانت كل يوم "تكسر مجاديف" عبد الله عباس الشاب المصري المبتكر.. ولو كان أحدا اهتم بأفكاره لكانت السيدة (أندريا) الآن في طريقها للقاهرة للتعلم من شباب مصر وليس من اليابان.. شباب مصر الذي يعيش في مجتمع "محافظ" يعتقد أن أفكاره الإبتكارية هي ترف فكري وأن كل شاب يجب أن يـ"دوس" على أحلامه وعواطفه وعقله ويسافر للخليج لـ"كون نفسه".
لا أدري من أرسى قاعدة أن الشاب يجب أن "يكون نفسه" قبل الزواج.. ولكي "يكون الشاب نفسه" يجب أن ينهي دراسته الجامعية ثم ينهي خدمته العسكرية ثم يحاول أن يسافر "بره" لسنوات وسنوات حتى يمكن أن يعود "جوه" ويكون قد "كون نفسه" وأصبح قادرا على شراء "النيش".
درستُ فسيولوجيا الإنسان فلم أجد زرا خفيا في جسد الشاب يمكن أن يضغطه حتى يضع غرائزه ومتطلباته الفسيولوجية "خارج نطاق الخدمة" لسنوات وسنوات حتى "يكون نفسه".
ليس هناك "كبسولة" سحرية يتناولها الشاب لتتوقف عواطفه عن الحب وعن مشاعر الحب التي غرزها الله في فطرة الشاب السوي والفتاة السوية وأحل له أن يحب زوجته وأن تحب الزوجة رجلها.. وقمة توهج هذا الحب يكون في مرحلة العشرينات.. المرحلة التي قام المجتمع بتحريم الارتباط فيها بإعلاء بدع "القائمة" و"النيش" على فطرة الله السوية وعلى وصايا الرسول القاطعة أنه "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه..فزوجوه" ولم يقل فارفضوه وأرسلوه للسعودية "ليكون نفسه".
ولأن الطبيعة تأخذ مجراها.. فقد انتشر الزواج العرفي والعلاقات المحرمة والشاذة .. وأصاب الشباب والشابات "كلاكيع" وعقد نفسية نتيجة السير في عكس اتجاه الفطرة السوية.
ليس هناك مشكلة زواج في مصر.. ولكن هناك مشكلة عقول لا تريد أن تتغير.. ومجتمع يؤمن بالشكليات أكثر من إيمانه بالقرآن والإنجيل.. ويحمل الشباب أكثر مما يطيق فيدفعه دفعا للمخدرات أو التطرف أو الهرب إلى بلاد أخرى يمكن أن يعيش فيها إنسانا سويا.
أمريكا.. الدولة الغنية.. لا يكلف الزواج فيها أكثر من عدة مئات من الدولارات.. فمعظم الشباب يتزوج رسميا مجانا في مبنى المدينة على يد موظف التوثيق.. والفرح يتم في كنيسة أو مسجد أو حديقة عامة مجانية ويحضره الأهل والأصدقاء ولا يكلف إلا عددا من أطباق الحلوى تقدم للضيوف.. والعروس تقوم بتنسيق شعرها وزينتها بنفسها أو بمساعدة صديقة ولا تذهب لـ"كوافير العرائس".. والفرقة الموسيقية والمغني المشهور عبارة عن "سي دي" فيه أغان يحبها العريس والعروسة.
نعم هناك في أمريكا من ينفق آلافا على الزواج ولكن هؤلاء هم القلة القليلة والأغلبية الساحقة يبدءون حياتهم بشقة مؤجرة من غرفة واحدة وربما لا يصدق البعض أن الكثير من العرائس والعرسان في أمريكا لا يخجلون من أن يكون أثاث عش الزوجية أثاثا مستعملا يأخذوه من الشارع عندما تتركه أسرة بعد استعماله!.
وهكذا يبدأ العروسان حياتهما ويكافحان ويبدءان في شراء ما يحتاجون شيئا فشيئا.. دون ضغوط اجتماعية شيطانية.
لكن الشباب في مصر يقع تحت وطأة ضغوط نفسية لا تحتمل من مجتمع يريده أن يكون أميرا من أمراء البترول حتى ترضى عنه عائلة فتاة أحلامه.. يقضى الشاب سنوات لن تعوض من أجمل سنوات عشرينيات وثلاثينيات عمره يجمع أموالا ويستدين ليشترى أشياءً لن تستعمل مثل "أطقم" صيني و "رفايع" و"نيش".
اعرف صديقا فشل في الزواج من فتاة يحبها وتحبه لأن أم الفتاة أصرت على نوع "نيش" معين غال الثمن اعترض عليه صديقي وتطور الخلاف لـ"فسخ" خطوبته.. فمن أجل شئ لن يستعمل يحرم مجتمع ظالم شاب من أن يعيش في "الحلال" مع فتاة أحلامه.
كنت أشاهد برنامجا من برامج الفضائيات الدينية وكان الشيخ يجيب على سؤال أم فتاة يريد خطيب ابنتها أن يستدين بالربا حتى يشترى الأثاث ليعجل بالزواج فرد عليها الشيخ أن العريس يجب أن ينتظر ويعمل ويكد حتى لا يضطر للاقتراض الربوي.. ولا أدرى لماذا لم يقل الشيخ للمرأة أن "الأثاث" ليس ركنا شرعيا في الزواج وأنه لا يجب تأخير الزواج إذا كان الشاب يستطيع الإنفاق اليومي على بيته.. وأنهم يمكنهم بدء حياتهم الآن بأثاث بسيط أو مؤقت حتى يحصن الشاب والفتاه ولا ينتظرا لشهور ربما تمتد لأعوام حتى يجمع العريس ثمن الأثاث.. لا أدري أين أتى الشيخ بنص يقول أن الزواج بدون "النيش" باطل!.
الشاب الصعيدي الذي وقف في أكبر ميدان ليقطع عضوه الذكري والشباب الذي ينتحر لأنه لا يستطيع أن يمارس الحياة الطبيعية مثل أي شاب طبيعي في العالم هم شواهد عملية أن المجتمع يحتاج لتغيير أعمق من مجرد تغيير سياسي.
التغيير السياسي لا يكفي ويجب أن يصاحبه تغيير اجتماعي شامل...لن نتقدم خطوة واحدة للأمام لو ظل شعارنا في الحياة "هذا ما وجدنا عليه آباءنا".. العادات والتقاليد البالية ليست دينا ولا آيات قرآنية..أنها طريقة حياة أثبتت فشلها وآن لهذا الجيل أن يحدد طريقة حياته بما يناسب عصره ومعتقداته كما حدد الجيل الجديد في اليابان ذات التقاليد العريقة طريقة حياته الجديدة.
أول خطوة في طريق العلاج أن يوقن المريض أنه يحتاج لطبيب ودواء.. وهناك أمراض كثيرة تنخر في جسد مجتمعنا.. ولكن المجتمع مازال مصرا أن يدفن رأسه في رمال عادات وتقاليد بالية متخلفة.. يعيش المجتمع وكأنه ليس هناك مشكلة أو أزمة زواج في مصر لها أثار مدمرة على نفسية الشباب.
مصر كلها تحولت لـ"نيش" كبير.. حيث ترقد فيه الأشياء لسنوات وسنوات ولا تستعمل.. أشياء للعرض فقط نباهي بها الضيوف ومحرم على أهل البيت استعمالها.. "نيش" مصر فيه عقول وعواطف وأحلام وابتكارات.. وأعضاء ذكرية.
منقول
وعادى بقة
أودى
4 comments:
هو باطل
مدونة حلوة اوى اكيد زيارتى دى مش هتبقى الاخيرة تقبل مرورى.منه
مش كدة بزمتك
:)
شكرا يا منه على المجاملة
بس للأسف المدونة مهجورة للأنشغال
تقبلى تحياتى
أودى
عادى بقة
Post a Comment